تاريخ الفتوى: 13 شعبان 1425 الموافق 27 سبتمبر 2004
السؤال:
أنا أعمل في شركة للبورصة العالمية، وهذه الشركة عبارة عن بيع للعملات الأجنبية؛ كاليورو والذهب والفضة وغيره، وطبعاً يتم هذا من خلال البرنامج الموجود على جهاز الكمبيوتر، وفي هذه العملية طبعا ربح وخسارة -ولا يوجد فيها أي فوائد-، وأتمنى أن أعرف هل عملي في هذا المجال جائز أم لا؟ لأنني محتارة جداً، علمًا أنني قبل أن أبدأ العمل به سألت وقيل لي بأنه جائز، ولكنني ما زلت محتارة، وأود أن أعرف الإجابة. وجزاكم الله عنا كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله.
الرد:
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فبعد التأكد من مقصود السائلة في العمل، تبين أنها تعمل وسيطة لتنفيذ رغبات المشترين للعملات.
وأؤكد لها أن الأصل في التعامل ببيع وشراء العملات عن طريق الوسطاء الحل بالشروط الشرعية المعتبرة. ولكن، ما يجري في كثير من الشركات لا تنطبق عليه الشروط الشرعية. وهناك صور متعددة لتلك الأعمال، ولكنها لا تخلو من المحرمات في نظري. وأجمل الإجابة بنقاط.
1.قد يتم العمل بناء على ما يسمى ببيع الهامش (margin trading)، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل مبلغا من المال يوازي أضعافًا محددة من المبلغ الأساس الذي وضعه العميل. وهذا محرم؛ لأن القرض ربوي، ويشترط السمسار على العميل أن يتاجر بالعملات من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرم؛ لأنه من القرض الذي جر نفعًا.
2. إذا لم يكن البيع على طريقة الهامش، فإن من المعلوم من واقع كثير من الممارسات المعاصرة في بيع العملات أنها لا تتفق مع الضوابط الشرعية في القبض. فقد يكون القبض بعد يومي عمل، وهو الغالب، وهو الذي يسمى الفوري، وهناك قبض بعد يوم عمل، ولا يصحان، وهناك قبض في اليوم نفسه، وهو الذي يجوز إن شاء الله تعالى.
3.أما إن كان أحد العوضين مؤجلاً، فلا يصح؛ لأن العملات لا يصح أن تشترى بالأجل. وأشنع منه بيوع المستقبليات (future tradings) في العملات، وتلك يؤجل فيها العوض والمعوض.
4.وهناك عمليات خيارات على العملة (option tradings)، وهي أيضا لا تصح.
5.وهناك عمليات تسويات على العملة، أو بيع السواب (swap tradings)، وهي لا تصح مثل المستقبليات.
6. بل إن من المعلوم أن كثيرًا من الشركات والبنوك تبيع ما لا تملك من العملات على المكشوف. وهذا مما لا يصح في العملات، ويصح في السلع بشروط بيع السلم.
7. أخيراً، وليس آخر: إن جعل العملات مجالاً للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالا للمضاربة. وقد نهى السلف رحمهم الله عن جعل العملات مجالا لذلك. ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية -خاصة الفقيرة- لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار.
8.في العمل مع السماسرة غير المسلمين (والشركات المالية الأجنبية) محاذير أخرى، من التوقيع على اتفاقيات فيها شروط غير صحيحة من الناحية الفقهية، وفيها نص على التحاكم إلى المحاكم غير الشرعية.
والخلاصة، أني لا أرى أن تعمل الأخت الكريمة في ذلك المجال، وتبحث عن مجال آخر. ولعل مجال الأسهم أكثر مناسبة من الناحية الشرعية. وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم وأحكم.